تلك نبذة من مقدمة كتاب «العمدة في محاسن الشعر وآدابه» توضح غرض ابن رشيق من وراء تصنيفه، والمنهاج الذي رسمه لنفسه في إخراجه، مع بيان مقدار ما له وما لغيره فيه.
وما دمنا نتحدث عن نشأة علم البيان والجهود التي أسهمت في تطويره من ملاحظات بيانية متناثرة هنا وهناك إلى علم بلاغي قائم بذاته، فإنّ موضع اهتمامنا من كتاب العمدة معلّق بالأبواب التي عرض فيها بشيء من التفصيل لفنون علم البيان، من مجاز واستعارة وتشبيه وكناية.
حقا إنّه جمع تحت كل باب من هذه الأبواب أقوال السابقين فيه وعرضها عرضا حسنا ييسرها للطالبين، وليس هذا الجهد في حد ذاته بقليل. ولكن من الحق أيضا أنّ له إضافات جديدة في هذه الأبواب تدل على غزارة علمه، ودقّة فهمه، وسلامة ذوقه الأدبي.
[كتاب الصناعتين]
ومن كتب الدراسات النقدية التي قامت على أسس بلاغية، وإن كانت أكثر تخصصا من سابقتها كتاب «الصناعتين- الكتابة والشعر» لأبي هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري المتوفى سنة ٣٩٥ للهجرة.
فأبو هلال في كتاب الصناعتين يدرس البلاغة دراسة دقيقة هي مزيج من علمه الخاص بها وعلم من سبقوه إليها، مع الإكثار من الأمثلة والشواهد.
وهو يعني بالصناعتين الكتابة والشعر، فالكتاب ينبئ من عنوانه عن موضوعه الذي يبحث بحثا مستفيضا في أصول هاتين الصناعتين وأدواتهما التي تتضافر على صنع الكاتب والشاعر.
والكتاب يشتمل على عشرة أبواب: باب في الإبانة عن موضوع