للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على تصنيفه فيقول: «.... فقد وجدت الشعر أكبر علوم العرب، وأوفر حظوظ الأدب، وأحرى أن تقبل شهادته، وتتمثل إرادته، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ من الشعر لحكما» وروي «لحكمة»، وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «نعم ما تعلمته العرب الأبيات من الشعر يقدمها الرجل أمام حاجته، فيستنزل بها الكريم ويستعطف بها اللئيم»، مع ما للشعر من عظم المزية، وشرف الأبية، وعز الأنفة، وسلطان القدرة».

«وجدت الناس مختلفين فيه، متخلفين عن كثير منه: يقدمون ويؤخرون، ويقلون ويكثرون، قد بوّبوه أبوابا مبهمة، ولقبوه ألقابا متهمة (١)، وكل واحد منهم قد ضرب في جهة، وانتحل مذهبا هو فيه إمام نفسه، وشاهد دعواه، فجمعت أحسن ما قاله كل واحد منهم في كتابه، ليكون «العمدة في محاسن الشعر وآدابه» «إن شاء الله تعالى».

«وعولت في أكثره على قريحة نفسي ونتيجة خاطري خوف التكرار ورجاء الاختصار، إلّا ما تعلق بالخبر، وضبطته الرواية، فإنّه لا سبيل إلى تغيير شيء من لفظه ولا معناه، ليؤتى بالأمر على وجهه».

«فكل ما لم أسنده إلى رجل معروف باسمه، ولا أحلت فيه على كتاب بعينه، فهو من ذلك، إلّا أن يكون متداولا بين العلماء، لا يختص به واحد منهم دون الآخر، وربما نحلته أحد العرب، وبعض أهل الأدب، تسترا بينهم، ووقوعا دونهم، بعد أن قرنت كل شكل بشكله ورددت كل فرع إلى أصله، وبينت للناشئ المبتدئ وجه الصواب فيه،

وكشفت عنه لبس الارتياب به، حتى أعرّف باطله من حقه وأميز كذبه من صدقه» (٢).


(١) متهمة بفتح الهاء: مشكوك فيها.
(٢) كتاب العمدة: ج ١ ص ٤ - ٥.

<<  <   >  >>