كذلك ساق تفريعات بدر الدين بن مالك وابن الأثير وبعض علماء أصول الفقه في الكناية، وتحدّث عن أقسامها كما تحدّث عن التعريض، وأخيرا ختم كلامه في البيان عن التمثيل.
الخطيب القزويني (١):
وممّن استفاضت شهرته في عصره وبعد عصره في ميدان البلاغة العلّامة قاضي القضاة جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني المتوفى سنة ٧٣٩ للهجرة، ولقّب بالخطيب لأنّه ولّي خطابة دمشق في المسجد الأموي الكبير. كان عالما بارعا مفتنا في علوم كثيرة، منها أصول الفقه والبلاغة، وله مصنفات في عدة فنون. وكان معجبا بالشاعر الأرّجاني ويقول: إنه لم يكن للعجم نظيره، واختصر ديوانه فسمّاه «الشذر المرجاني من شعر الأرجاني».
والكتاب الذي عمّت شهرته ويعنينا هنا هو كتابه «التلخيص»، هذا الكتاب الذي لخّص فيه القسم الثالث من كتاب «مفتاح العلوم» للسكاكي، وغطى به على كل من لخّصوه قبله وبعده من أمثال بدر الدين بن مالك، وعبد الرحمن الشيرازي.
والخطيب القزويني في تلخيصه لم يقف من كتاب «مفتاح العلوم» موقف الملتزم كما فعل غيره، وإنما تصرف فيه فترك ما لم يستحسنه وأبقى على ما استحسنه منه وأضاف إليه من آرائه وآراء من سبقوه.
فهو في تلخيصه قد استبعد منه تعقيد السكاكي وحشوه وتطويله كما وضّح غامضه بالشرح والأمثلة، واستبدل ببعض مصطلحاته وتعريفاته
(١) له ترجمة في كتاب النجوم الزاهرة ح ٩ ص ٣١٨، وترجمة أخرى في كتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ج ٤ ص ١٢٠.