الملتوية مصطلحات وتعريفات أخرى أكثر وضوحا ودقة، وسمح لنفسه فرتب مباحثه ترتيبا قريبا يجعلها أيسر منالا. ولم يكتف بذلك وإنما أضاف إليه فوائد عثر عليها في كتب المتقدمين، وزوائد لم يظفر بها في كلام أحد لا بالتصريح ولا بالإشارة. وكل ذلك قد صاغه صياغة حسنة العبارة واضحة الدلالة.
ولعلّ كل هذا هو ما هيأ لتلخيصه سبيل الشهرة، ولفت الأنظار إليه، فأقبل الناس عليه في عصره وإلى اليوم ما بين دارس وشارح وملخّص وناظم.
و «تلخيص المفتاح» يشتمل على مقدمة في الفصاحة والبلاغة، وثلاثة فنون: الفن الأول عقده لمباحث «علم المعاني» والثاني لمباحث «علم البيان»، والثالث لمباحث «علم البديع».
ولما كانت دراستنا في هذا الكتاب قاصرة على «علم البيان»، فإن ما يهمّنا هنا من كتاب «تلخيص المفتاح» للقزويني هو التعريف إجمالا بمباحث البيان التي وردت فيه، تاركين الكلام عنها تفصيلا إلى ما بعد الفراغ من هذه المقدمة.
...
وإذا عدنا إلى «علم البيان» في كتاب «تلخيص المفتاح» فإننا نجد القزويني يبدأ أول ما يبدأ فيعرّف علم البيان بأنّه «علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه» ويجرّه هذا التعريف إلى دلالة اللفظ فيقسمها إلى دلالة وضعية وأخرى عقلية، ثم يخلص من شرح هاتين الدلالتين إلى أن مباحث علم البيان ثلاثة: التشبيه، والمجاز والكناية.
وينتقل إلى «التشبيه» فيعرفه ثم يتكلم عن أركانه، وهي: طرفاه ووجهه وأداته، وعن الغرض منه، وعن تقسيم طرفيه إلى حسيين وعقليين