الحقيقي، وأنّ التركيب الذي تتوافر له كل هذه الحقائق يسمى استعارة تمثيلية.
وما من شك في أنّ كل ذلك يوضح ويؤكد ما سبق أن ذكرناه في مستهل هذا الموضوع من أنّ الاستعارة التمثيلية هي تركيب استعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.
[مكان الاستعارة من البلاغة]
الاستعارة صورة من صور التوسع والمجاز في الكلام، وهي من أوصاف الفصاحة والبلاغة العامة التي ترجع إلى المعنى.
وإذا كان البلاغيون ينظرون إلى المجاز والتشبيه والاستعارة والكناية على أنّها عمد الإعجاز وأركانه، وعلى أنّها الأقطاب التي تدور البلاغة عليها، وتوجب الفضل والمزية، فإنّهم يجعلون المجاز والاستعارة عنوان ما يذكرون وأوّل ما يوردون.
وكما يقول عبد القاهر الجرجاني إنّ فضيلة الاستعارة الجامعة تتمثل في أنّها تبرز البيان أبدا في صورة مستجدة تزيد قدره نبلا، وتوجب له بعد الفضل فضلا، وإنّك لتجد اللفظة الواحدة قد اكتسبت فيها فوائد، حتى تراها مكررة في مواضع، ولها في كل واحد من تلك المواضع شأن مفرد، وشرف منفرد ...
ومن خصائصها التي تذكر بها، وهي عنوان مناقبها: أنّها تعطيك الكثير من المعاني باليسير من اللفظ، حتى تخرج من الصدفة الواحدة عدّة من الدرر، وتجني من الغصن الواحد أنواعا من الثمر ... (١).