الجانب الذي تكلّم فيه عن مباحث علم البيان من مجاز واستعارة وتشبيه وكناية. وقد قصدنا من وراء هذا العرض الموجز إلى بيان أمرين: مدى مساهمة ابن الأثير في تطوير هذه المباحث البيانية عن طريق المادة البلاغية التي قدّمها لنا فيها، وكذلك الطريقة التي سلكها في معالجة هذه المادة وعرضها، وهي طريقة تخالف بلا شك طريقة السكاكي التي قصد بها إلى تأصيل قواعد البلاغة وصبها في قوالب منطقية جافة. وربما التقيا في كثرة
التقسيمات والتفريعات، ولكن شتان بين تقسيمات وتفريعات يغلب عليها المنطق وأخرى يجليها الفن ويحببها إلى النفس.
[يحيى بن حمزة]
ومن علماء البلاغة أيضا يحيى بن حمزة العلوي اليمني المتوفى سنة ٧٤٩ للهجرة وصاحب المصنفات المختلفة في النحو والفقه وأصول الدين والبلاغة. ومما صنفه في البلاغة كتاب «الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز»، ويقع في ثلاثة أجزاء.
وهو متأثر في كتابه هذا بخمسة كتب هي: المفتاح للسكاكي والمثل السائر لابن الأثير، وكتاب التبيان في علم البيان لابن الزملكاني، وكتاب نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز للفخر الرازي، وكتاب المصباح في المعاني والبيان والبديع لبدر الدين بن مالك.
وكتابه لا تبدو فيه طريقة مميزة لصاحبه، وإنّما هو موزع بين طريقة السكاكي، وطريقة الرازي، وطريقة ابن الأثير ومباحثهم وما أصّلوه من قواعد البلاغة. وقد بناه على مقدمات ومقاصد وتكملات وسمي كل جانب من هذه الجوانب فنا.
وفي الفن الثاني من الكتاب يتحدّث عن موضوعات البيان بادئا