قد آذاني» فإنّ هذا القول وأشباهه تعريض بالطلب، وليس هذا القول موضوعا في مقابلة الطلب لا حقيقة ولا مجازا، وإنّما دلّ عليه من طريق المفهوم. وعنده أنّ التعريض سمي تعريضا لأنّ المعنى يفهم فيه من عرضه، أي من جانبه، وعرض كل شيء جانبه.
وكما فرّق بين الكناية والتعريض من جهة خفاء الدلالة ووضوحها، فرّق بينهما من جهة اللفظ، فالكناية تشمل المفرد والمركب معا، فتأتي على هذا تارة وعلى هذا أخرى، أمّا التعريض فيختص باللفظ المركب، ولا يأتي في اللفظ المفرد البتة.
ودليله على ذلك أنّ المعنى في التعريض لا يفهم من جهة الحقيقة ولا من جهة المجاز، وإنّما يفهم من جهة التلويح والإشارة، وذلك لا ينهض به اللفظ المفرد، ولكنه يحتاج في الدلالة عليه إلى اللفظ المركب.
وعند ابن الأثير أنّ الكناية تنقسم قسمين: أحدهما ما يحسن استعماله، والآخر ما لا يحسن استعماله، وهو عيب في الكلام فاحش.
وقد عرض هنا إلى تقسيم بعض البلاغيين لها فقال:«وقد ذهب قوم إلى أنّ الكناية تنقسم أقساما ثلاثة: تمثيلا، وإردافا، ومجاورة»(١) ثمّ بين ما يقصدونه من كل قسم، وعقب عليه بأنّه تقسيم غير صحيح، ولكن تعليقه يبدو فيه شيء من الاضطراب والتناقض.
وأخيرا يختم ابن الأثير كلامه عن الكناية والتعريض بضرب الأمثلة عليهما نثرا ونظما حتى يزيد ما ذكره عنهما وضوحا.
ذلك عرض موجز لجانب من كتاب المثل السائر لابن الأثير، وهو