للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حمرة الورد شيء من تلهّبها ... وللقضيب نصيب من تثنيها

وقال أيضا في وصف بركة المتوكل، وتشبيه البركة في تدفق مائها بيد المتوكل في العطاء:

كأنها حين لجّت في تدفقها ... يد الخليفة لما سال واديها (١)

وقال في تشبيه الندى على شقائق النعمان بدموع الشوق على خدود الحسان:

شقائق يحملن الندى فكأنه ... دموع التصابي في خدود الخرائد

...

والخلاصة أن الأصل في التشبيه أن يجري على السّنن المعروف عند العرب والذي يتمثل في أن يلتمس المشبه به مما هو معروف ومألوف في حياتهم حتى ولو كان المشبه أقوى وأعظم في الصفة التي يشترك فيها مع المشبه به. فالعرب مثلا قد اشتهر بينهم عمرو بن معدّ يكرب بالإقدام، وحاتم بالجود، وأحنف بن قيس بالحلم،

وإياس بالذكاء، وأصبح كل واحد من هؤلاء مثلا عاليا في الصفة التي اشتهر بها. فالأسلوب العربي يقضي على الشاعر أن يجعل كل واحد من هؤلاء الأعلام مشبّها به، سواء أوجد بعده من هو أعظم منه في الصفة وأقوى أم لم يوجد.

وقد سلك القرآن الكريم هذا السّنن فشبّه نور الله سبحانه وتعالى، وهو بلا شك أقوى الأنوار، بنور المصباح في مشكاة، لأنّ العرب جروا على عادة أن يجعلوا نور المصباح أكبر الأنوار وأعظم الأضواء.

كذلك اطّردت العادة في البلاغة على تشبيه الأدنى بالأعلى، فإذا جاء


(١) لجّ في الأمر: تمادى واستمر.

<<  <   >  >>