فالشاعر في هذا البيت شبّه فسيح الفلاة بصدر الحليم، فالتشبيه كما ترى مقلوب، إذ المعهود تشبيه صدر الحليم بالفلاة. ولكن الشاعر رغبة منه في المبالغة بادّعاء أن صدر الحليم أفسح من الصحراء عكس التشبيه.
...
وفيما يلي طائفة أخرى من أمثلة التشبيه المقلوب تترك للدّارس أمر التعرّف إلى المشبه والمشبه به في كلّ منها.
قال أبو نواس في وصف النرجس:
لدى نرجس غضّ القطاف كأنه ... إذا ما منحناه العيون عيون
وقال البحتري في المدح:
لجرّ عليّ الغيث هدّاب مزنه ... أواخرها فيه وأوّلها عندي
تعجّل عن ميقاته فكأنه ... أبو صالح قد بت منه على وعد
وقال ابن المعتز يصف سحابة ويشبه البرق بالسيوف المنتضاة:
وسارية لا تملّ البكا ... جرى دمعها في خدود الثرى
سرت تقدح الصبح في ليلها ... ببرق كهندية تنتضى (١)
وقال البحتري في تشبيه حمرة الورد بحمرة خدي محبوبته، وتشبيه ميلان الغصن إذا هزّه النسيم بتثني قدّها:
(١) السارية: السحابة تمطر ليلا، والثرى: التراب الندي، والأرض، كهندية تنتضى: أي مثل سيوف هندية تسلّ من أغمادها.