الاستعارة خاصة، لأن الاستعارة لا تكون إلا بحيث يطوى ذكر المستعار له، أي المشبه، وكذلك الكناية فإنها لا تكون إلا بحيث يطوى ذكر المكنى عنه، أي لازم المعنى.
ونسبة الكناية إلى الاستعارة نسبة خاص إلى عام، فيقال كل كناية استعارة، وليس كل استعارة كناية، وهذا فرق بينهما. ويفرق بينهما من وجه آخر، وهو أن الاستعارة لفظها صريح، والصريح هو ما دل عليه ظاهر لفظه، والكناية ضد الصريح، لأنها عدول عن ظاهر اللفظ. وهذه فروق ثلاثة: أحدها الخصوص والعموم، والآخر الصريح، والثالث الحمل على جانب الحقيقة والمجاز. وإذا كانت الكناية جزءا من الاستعارة، وكانت الاستعارة جزءا من المجاز، فإن نسبة الكناية إلى المجاز هي نسبة جزء الجزء وخاص الخاص.
...
ومن بيان الصلة بين الكناية والاستعارة والتفرقة بينهما انتقل ابن الأثير لبحث الصلة بين التعريض والكناية. وقد بدأ بتعريف التعريض فقال:«أما التعريض فهو اللفظ الدال على الشيء من طريق المفهوم لا بالوضع
الحقيقي ولا المجازي»، فإنك إذا قلت لمن تتوقع صلته ومعروفه بغير طلب:«والله إني لمحتاج، وليس في يدي شيء، وأنا عريان، والبرد قد آذاني»، فإن هذا وأشباهه تعريض بالطلب، وليس هذا اللفظ موضوعا في مقابلة الطلب لا حقيقة ولا مجازا، إنما دل عليه من طريق المفهوم، بخلاف دلالة اللمس على الجماع. وعنده أن التعريض إنما سمي تعريضا لأن المعنى فيه يفهم من عرضه أي من جانبه، وعرض كل شيء جانبه.
وكما فرق بين الكناية والتعريض من جهة خفاء الدلالة ووضوحها، فرق بينهما كذلك من جهة اللفظ فقال: «واعلم أن الكناية تشمل اللفظ