للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يفوته هنا أن يبدي رأيه في التشبيه التمثيلي مقررا أنّ وجه الشبه فيه ينبغي أن يكون مركبا، أي صورة منتزعة من متعدد وأن يكون وهميا اعتباريا، وهو في ذلك يخالف عبد القاهر الذي يشترط أن يكون وجه الشبه في التشبيه التمثيلي مركبا وأن يكون عقليا، والعقلي عنده يشمل الوهمي.

...

وعن أحوال التشبيه من حيث القرب والغرابة، والقبول والرفض، يستوحي السكاكي في ذلك رأي عبد القاهر، فيقول: إن إدراك الشيء مجملا أسهل من إدراكه مفصلا، وإنّ حضور ما يتردد على الحس أقرب من حضور ما لا يتردد عليه، وإنّ الشيء مع ما يناسبه أقرب حضورا منه مع ما لا يناسبه، وإنّ استحضار الأمر الواحد

أيسر من استحضار غير الواحد، وإنّ ميل النفس إلى الحسيات أتم من ميلها إلى العقليات، وإنّ النفس لما تعرف أقبل منها لما لا تعرف، وإنّ الجديد المستطرف عندها ألذ من المعاد المكرر.

وعلى ضوء هذه الأصول يقول: إنّ من أسباب قرب التشبيه أن يكون وجهه أمرا واحدا، أو يكون المشبه به قريبا في الصورة من المشبه، أو يكون حاضرا في الخيال بجهة من الجهات.

أمّا غرابته فمن أسبابها أن يكون وجه الشبه مركبا، أو يكون المشبه به بعيد الشبه عن المشبه، أو يكون وهميا أو مركبا عقليا. أمّا التشبيه المقبول فالأصل فيه أن يكون صحيحا، وألّا يكون مبتذلا.

وكذلك يعرض السكاكي لصور التشبيه البليغ، ويتابع عبد القاهر في إدخال صور التجريد المختلفة في التشبيه كقولك عن صديق أنست بحديثه «وجدت في حديثه نسمة عطرة» فقد جردت من حديث الصديق

<<  <   >  >>