والتشبيه المؤكد أبلغ من التشبيه المرسل وأوجز، أما كونه أبلغ فلجعل المشبه مشبها به من غير واسطة أداة فيكون هو إياه، فإنك إن قلت: زيد أسد كنت قد جعلته أسدا من غير إظهار أداة التشبيه، وأما كونه أوجز فلحذف أداة التشبيه منه.
ومن التشبيه المؤكد ما أضيف فيه المشبه به إلى المشبه، نحو قول الشاعر:
والريح تعبث بالغصون وقد جرى ... ذهب الأصيل على لجين الماء
فالصورة هنا أن الريح تعبث بغصون الأشجار المخضرة فتميلها يمينا وشمالا وأعلى وأسفل، والحال أنه قد جرى «ذهب الأصيل» أي الأصيل الذي كالذهب في الصفرة على «لجين الماء»، أي على ماء كاللجين أي كالفضة في الصفاء والبياض.
وقول الشريف الرضي:
أرسى النسيم بواديكم ولا برحت ... حوامل المزن في أجداثكم تضع
ولا يزال جنين النبت ترضعه ... على قبوركم العرّاصة الهمع (١)
فهو يريد «بحوامل المزن» المزن أو السحب التي هي كالحوامل من الحيوان، بجامع ما في كل من المنفعة، كما يريد «بجنين النبت» النبت الذي كالجنين. فالمشبه به في هذين التشبيهين قد أضيف إلى المشبه. وهذا تشبيه مؤكد.
وقد يسمى التشبيه المرسل «مظهرا» كما يسمى التشبيه المؤكد
(١) الأجداث: القبور، والعراصة: السحابة التي صارت كالسقف ذات رعد وبرق، والهمع: اسم لما يهمع أي يسيل، والماطر.