للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليلى قضيب تحته كثيب ... وفي القلاد رشأ ربيب (١)؟

ولله البحتري فما أعذب وأظرف وأدمث قوله:

أين الغزال المستعير من النقا ... كفلا ومن نور الأقاحي مبسما؟

فقلب ذو الرمة العادة والعرف في هذا، فشبّه كثبان الأنقاء، أي الرمال بأعجاز النساء. وهذا كأنه يخرج مخرج المبالغة، أي قد ثبت هذا الموضع وهذا المعنى لأعجاز النساء، وصار كأنه الأصل فيه، حتى شبه به كثبان الأنقاء».

وقد عرض ابن الأثير في كتابه المثل السائر لهذا النوع من التشبيه، وسماه «الطرد والعكس»، وذلك إذ يقول: «واعلم أن من التشبيه ضربا يسمى الطرد والعكس، وهو أن يجعل المشبه به مشبها، والمشبه مشبها به، وبعضهم يسميه غلبة الفروع على الأصول ... ومما جاء منه قول البحتري:

في طلعة البدر شيء من محاسنها ... وللقضيب نصيب من تثنيها

وقول عبد الله بن المعتز في تشبيه الهلال:

ولاح ضوء قمير كاد يفضحنا ... مثل القلامة قد قدّت من الظّفر

ولما شاع ذلك في كلام العرب واتسع صار كأنه الأصل، وهو موضع من علم البيان حسن الموقع لطيف المأخذ. وهذا قد ذكره أبو الفتح ابن جني في كتاب الخصائص.

ولما نظرت أنا في ذلك وأنعمت نظري فيه تبين لي ما أذكره، وهو


(١) القلاد: واحدها قلادة، والرشأ: الظبي إذا تحرك وقوي ومشى مع أمه.

<<  <   >  >>