للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلتُ: يا ربِّ! كيفَ الطَّريقُ إليكَ؟ فقال: "خَلِّ نفسَكَ وتعال" (١).

الحادية عشْرة: للساعة شُروطٌ كبيرةٌ أُخرى، منها: طُلُوع الشمس مِن مغْربها، وخُروج الدَّابة، والدَّجال، ويأجوج مأجوج، وكَثْرَةُ الهَرْج، وفَيْضُ المال حتى لا يقبله أحدٌ، وحَسْرُ الفُرات عن جبلٍ مِن ذَهَب، وفيها كُتُب مؤلفةٌ.

ولعله إنما اقتَصرَ في الحديث على أَمَارَتَيْن مِنْهَا تحذيرًا للحاضِرين وغيرهم منها -أعني كثرة اتخاذ السَّراري وبيعهن، والتَّطَاول في البنيان- لاقتضاء الحال ذلك، إذ لعلَّهم كانوا يتعاطَوْنَ شيئًا مِنْ ذَلِك فَزَجَرَهُم.

الثانية عشرة: حاصِلُ ما ذَكَر -عليه الصلاة والسلام- أنَّ أجزَاءَ الدِّين ثلاثة: "الإسلام": وهو الشَّهادتان، والعِبَادَات الخمس، وتفصيلها التام محله كتب الفقه.

و"الإحسان": وهو المُراقبة والإخلاص، ومَحَلّه التام كتب التصوّف: كـ "القوت"، و"الإحياء" ونحوهما (٢).


(١) الدِّين لا يؤخذ بالرؤى والمنامات والإشارات، وإنما هو ما شرعه الله عزَّ وجلَّ ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، والمؤلف في غُنية عن خرافات وخزعبلات المتصوفة.
(٢) القوت هو "قوت القلوب" ومؤلفه هو أبو طالب المكي محمد بن علي الحارثي (ت: ٣٨٦ هـ) وهو صوفي من السالمية -يبالغون في الإثبات- يقول بالحلول العام، وهو القائل أمام الناس وعلى كرسي التدريس: "ليسَ على المخلوق أضرّ مِن الخالق"! فبدَّعوه وهجروه، وكتابه "القوت" حَشَاهُ بالبدع والخرافات وهو عمدة الغزالي بعده.
انظر: "التاريخ" للخطيب (٣/ ٨٩)، و"شرح حديث النزول" (٣٤٢ - ٣٤٥)، و"الدرء" (٦/ ٣٠٤) لابن تيمية، و"السير" (١٦/ ٥٣٧)، و"الميزان" (١/ ٤٣١).
أمَّا "الإحياء" فاقد سماه العلماء "إماتة علوم الدين" وهو مليء بالأحاديث الموضوعة، والكذب على دين الله، وتقرير مذاهب الفلاسفة، ورموز الحلَّاج، وسارَ في كتابه على طريقة الباطنيَّة، وفيه من الماقالات المخالفة لأصل الدِّين شيء كثير، وقد أَحرَقه بعض العلماء في المغرب فأحسنوا، وكتبوا فيه كتابات فأجادوا. انظر: رسالة الطرطوشي =

<<  <   >  >>