للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: هي ظرف مجازًا، كَأَنَّ النفسَ لَمَّا ضُمِنت بمائة من الإبل صارت كالظرف لها (١).

و"التَّسْبِيحَةُ" هي قول: "سبحان الله".

و"التَّكْبِيرَةُ" قول: "الله أكبر". كـ"السَّبْحَلَة" ونحوها من المصادر.

ثالثها: قوله: "وأمرٌ بالمعروفِ صَدَقَةٌ، ونَهيٌ عن مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ" أشار به إلى ثبوت الصدقة في كل فَرْدٍ مِنهُمَا، ولهذا نَكَّرَهُ وساغ الابتداء بها؛ لكونها عاملة، ولا شكَّ أَنَّ التَّنكِير أبلغ بخِلاف مَا إذا عَرَّفَهُ لرجوعه إلى الجنس، وعرَّف "المعروف" لأصالته وبيانه وهما فرضَا كفاية؛ فنفعُهُما متَعَدٍّ أكثر من التسبيح والتحميد والتهليل، وَفَضَّلَها الجويني -إِمامُ الحرمين - (٢) على فرض العين من حيث سقوط الحرج عن الأمة أجمع (٣).

وحقيقةُ الصَّدَقة موجودةٌ فيه، لكونه ينفع باقي الناس بالأَدَاءِ عنهم، وأجر الفرض أكثر من أجر النفل بسبعين درجة، واستؤنس له بحديث -وصح-: "لَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَيَّ المُتَقَرِّبُونَ بأَفْضَلَ مِمَّا افتَرَضتُ عَلَيْهِمْ ... " (٤).


= وهذا اللفظ يشهد له ما رواه البخاري (٩/ ٩ رقم ٦٨٩٨)، ومسلم (رقم ١٦٦٩) عن سهل بن أبي حثمة الأنصاري - رضي الله عنه -: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ساقَ دِيَةَ رجُل مائة من إبلِ الصَّدَقة".
(١) قارن بـ "التعيين" (١٩٤ - ١٩٥).
(٢) في الأصل: "الجويني وإمام ... "! والصواب حذف "الواو" لأن الجويني هو إمام الحرمين -كما هو معلوم- وجاءت على الصواب في "التعيين" (١٩٥).
(٣) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (٧/ ٩٦).
(٤) رواه البخاري (٨/ ١٠٥ رقم ٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ولفظه: "ومَا تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ ... " وقد ذكره المؤلف بمعناه، لأنه أخذ هذه الفائدة من النووي في "شرح مسلم" (٧/ ٩٦). أمًا قوله أن "أجر الفرض ... " إلخ فَمَوْقُوفٌ علي الدليل، وما ذكره من استئناس بعض أهلِ العلم بهذا الحديث فبعيد، إذ ليسَ فيه أي دلالة على ما يقولون، ونحن "نَدُورُ مع السُّنَّةِ حيثُ دَارَتْ" كما قال الإمام الأوزاعي.

<<  <   >  >>