للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النفْرةُ منه لمعنى مستقبح فيه، والظَّاهِرُ أنه مُرادِف للكراهة أوْ يقارِبُها، وقد يكون من طَرفَيْن، ومن واحد، ولله ولغيره، ولا شكَّ في حُرمةِ البُغض والتَّباغُض؛ للنَّهْي عنهُ، إلَّا في الله، فإنه واجبٌ ومِن كَمالِ الإيمان، قال الله تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: ١]، وقال -عليه أفضل الصلاة والسلام-: "مَنْ أَحَبَّ للهِ، وَأَبْغَضَ للهِ، وَمَنع للهِ، وَأَعطَى للهِ، فَقَدِ استَكْمَلَ الإِيمانَ" (١).

الرابعة: معنى "لا تَدَابَرُوا": لا يُدبِرُ بعضكُم عن بعض، أي: تعرِضُ عنه بما يَجِبُ له مِن حقوق الإسلام من الإعانةِ والنُّصرةِ ونحوِهِمَا، و"التَّدَابر": المُعَادَاةُ، وقيل: المُقَاطَعَةُ، لأنَّ كُل واحِدٍ يُوَلي صَاحِبهُ دُبُرَهُ، ولا مُلازَمَةَ بَيْنَهُ وبين التَّباغُضِ، لأنَّ الشَخص قد يبغِضُ صاحِبَهُ عادَةً، وقد يُعرِضُ عنهُ -وهو يُحِبُّهُ- خَشْيَةَ تُهْمَةٍ أو تأديبًا له ونحو ذلك، وفي نحو هذا قيل:

لا تكتمِ الحبَّ إلَّا خشيةَ التُّهمِ

و"تدابروا" أصله: "تتدابروا" بتاءين، حُذِفَتْ إحداهما تخفيفًا، وهل هي تاء المضارعة أو تاء الكلمة؟ فيه خلاف، وكذلك الخلاف فيما قبلها، وهي "تحاسدوا" و "تناجشوا" و "تباغضوا".

الخامسة: عِلَّةُ النَّهي عن بيع البعض على بيع البعض: تغيير القلوب والنفرة، وربما أدى تعاطي مفسدة صاحبه، وذلك حرام، وفي صحة البيع


(١) رواه أبو داود (٥/ ٤٢ رقم ٤٦٨١)، وابن بطة في "الإبانة" (٢/ ٦٥٧ رقم ٨٤٥، ٨٤٦ ط معطي)، واللالكائي في "السنة" (٥/ ٩٧٢ رقم ١٦١٨)، والبغوي في "شرح السنة" (١٣/ ٥٤ رقم ٣٤٦٩) من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -.
والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (١/ ٦٥٧ رقم ٣٨٠)، و"صحيح الترغيب" (٣/ ١٦٥ رقم ٣٠٢٩).
والمسألة الثالثة انظرها في: "التعيين" للطوفي (٢٩٨).

<<  <   >  >>