وإنما صار التأنيث أجود؛ لأن الفعل إذا أتى بعد الاسم كان فيه مكنى من الاسم فاستقبحوا أن يُضمروا مذكرا، وقبله مؤنثٌ. والذين استجازوا ذلك قالوا: نذهب إلى المعنى، وقالوا: هو في التقديم والتأخير سواءٌ. وقال الله عز وجل:(فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا) فقرأت العوام بتذكير (يؤخذ)؛ لأن المعنى: فاليوم لا يؤخذ منكم افتداء، وقرأ أبو جعفر المدني:(فاليوم لا تؤخذ منكم فدية) فأنث الفعل للفظ الفدية، وقال عز وجل:(فقد جاء أشراطها)، فذكر لأنه جمع، والجموع يجوز في فعلها التذكير والتأنيث، وكذلك:(جاءهم البينات)(وجاءتهم البينات) وجاءتني كتب فلانٍ وجاءني، وكثُرتْ الحياتُ وكثر.
وقال السجستاني: مما حسن التذكير في قولهم: حضر القاضي امرأةٌ، أن القاضي متقدم على المرأة لا يؤخر عن موضعه إرادة التعظيم له بالتقديم؛ كما يعظم الخليفة أن يقدم على اسمه اسمُ أحدٍ.