فإن قال: عدد المؤنث وعدد المذكر جميعاً مؤنثان إلا أن عدد المؤنث أخف، لأنه لا علامة للتأنيث فيه.
قيل له: المؤنث الذي على أربعة أحرفٍ لا علامة للتأنيث فيه بمنزلة ما فيه العلامةُ؛ لأن معنى التأنيث قائم فيه، فهو بمنزلة ما العلامة موجودة في لفظه لا يحكم عليه بأنه أخف منه.
الدليل على هذا أن عمرة وزينب من أجل أن علامة التأنيث موجودةٌ في لفظ عمرة وليست في زينب علامةٌ للتأنيث موجودة في لفظها، فهذا يدل على أن الثلاث - إذا كانت مؤنثةً - بمنزلة الثلاثة؛ لأن معنى التأنيث قائمٌ فيهما، وبهذا ينتقض قوله في الخفة والثقل.
وقال محمد بن يزيد البصري: إن قال قائل: ما بالُ علامة التأنيث لحقتْ ما كان مذكراً وإنما حدها أن تلحق المؤنث، فتفصله من المذكر؟
قيل له: العلةُ في هذا: أن التأنيث والتذكير إذا وقعا لما حقيقته التأنيث والتذكير كان حق المذكر أن يجري على أصله ويكون المؤنث بائناً منه بعلامة. والعلامة على ثلاثة أضربٍ:
يكون هاء؛ نحو قولك: امرأةٌ، وذاهبةٌ، ومنطلقةٌ.
ويكون ألفاً إما مقصورة وإما ممدودةً؛ نحو حمراء وصفراء، هذا الممدودة، والمقصورة؛ نحو سكرى وغضبى. هذه المقصورة.
ويكون للمؤنث لفظٌ ثالثٌ لا علامة فيه، فيكون تأنيثه بالبنية المصوغة للتأنيث التي لا يشركها فيها المذكرُ، فالاختصاص يدل على مثل ما دلت عليه العلامة، وذلك نحو قولك: عناقٌ. هذا لا يكون إلا للمؤنث، وكذلك حجر، وأتانٌ. فهذه أقسام ثلاثةٌ مفهومةٌ معروفةٌ.