للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أنّ الاستدلال بعموم أثر ابن عباس ينتقض عليهم بصور منها الداخل من مسام الجلد حيث أجمعوا على عدم فساد الصوم بما يدخل منها، وكذا نفى بعضهم فساد الصوم بما يدخل الإحليل ما لم يصل المعدة، مما يدل على أن العموم غير مقصود، فإن أخرجوا هذه الصور لاعتبارات فغيرها يخرج باعتبارت أخرى، وعليه لا يُسلم لهم الاستدلال بالأثر (١).

الدليل الثاني: أنّ معنى الصوم هو الإمساك، ولا يتحقق الإمساك بدخول شيء ذي جرم إلى الجوف، وإلا كان ركن الصيام منعدمًا، وأداء العبادة بدون ركنها لا يتصور، والخارج من البخاخ رذاذ له جرم مؤثر، حيث أنّ بخاخ الربو يحتوي على مستحضرات طبية دوائية (الفانتلين + ماء + أوكسجين)، فهو مادة مركبة من أجزاء خاصة، غير أجزاء الهواء المعتاد الذي يتنفسه الإنسان.

المناقشة:

نُسلِّم أنّ بخاخ الربو له جرم، ولكن هذا الجرم مما جاء العفو عن نظائره مثل الداخل إلى الجوف من بقايا المضمضة والسواك.

الدليل الثالث: أن المادة المنبعثة من البخاخ تدخل إلى الجوف من منفذ معتبر، والجمهور يرون أنَّ الدخان والبخور مُفَطِّر إذا أُدخل إلى الجوف عمداً خلافاً للشافعية القائلين بعدم الإفطار بالدخان والبخور (٢).


(١) سبق الرد على هذا الإيراد بتوسع في الفصل الثاني، المبحث الثالث، المطلب الخامس، ص (١٢٥).
(٢) انظر: الغرياني، الصادق عبد الرحمن، مدونة الفقه المالكي وأدلته، (بيروت: مؤسسة الريان، الطبعة الأولى ١٤٢٣ هـ ـ ٢٠٠٢ م) ج ١، ص ٦٣١، والألفي، محمد جبر، مفطرات الصائم في ضوء المستجدات الطبية، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، العدد العاشر، ج ٢، ص ٧٦.

<<  <   >  >>