إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
إنّ مما لا يخفى كون النصوص الشرعية متناهية، والمستجدات غير متناهية فلزم إرجاع تلك المستجدات إلى أصولها فكل نازلة لها حكم، وكل حادثة لها نص كلي أو تفصيلي ترجع إليه. وقد استجدت بعد الوحي حوادث ووقائع، ولم تستجد نصوص، إلا أنّ الأصول الكلية والنصوص العامة استوعبتها وجعلتها تحت الإطار العام للتشريع.
قال السرخسي:«ما من حادثة إلا وفيها حكم لله تعالى من تحليل أو تحريم أو إيجاب أو إسقاط، ومعلوم أن كل حادثة لا يوجد فيها نص، فالنصوص معدودة متناهية، ولا نهاية لما يقع من الحوادث إلى قيام الساعة، والصحابة ما اشتغلوا باعتماد نص في كل حادثة طلباً أو رواية فعرفنا أنه لا يوجد نص في كل حادثة»(١).
(١) السرخسي، شمس الدين محمد بن أحمد، أصول السرخسي، (بيروت: دار الكتاب العلمية، الطبعة الأولى، ١٤١٤ هـ - ١٩٩٣ م) , ج ٢،ص ١٣٩.