من خلال قراءة وتتبع نصوص الأئمة في المذاهب الأربعة حول علة التفطير، وضابط الجوف عندهم نجد تبايناً واختلافاً بين المذاهب؛ بل بين المذهب الواحد، وهذا الاختلاف والتنازع في علة التفطير -الجوف- بسبب كونها علة مستنبطة لم يعلق عليها الشارع الحكيم سبب فساد الصوم، وإنّما كانت استنباطاً اعتمد فيه الفقهاء على ما وصل إليه علمهم من التصور الطبي، وسوف يناقش الباحث أقوالهم في الجوف في ضوء النص القطعي الذي بَيَّن لنا فيه الشارع مفسدات الصوم، وفي ضوء ما توصل إليه الطب التشريحي الحديث.
من خلال النصوص المتقدمة للفقهاء المتقدمين نرى أنهم اعتبروا الدماغ جوفاً مؤثراً معتمدين على أمور منها:
١ - اعتمادهم على المعنى اللغوي للجوف:«بأنه ما يقبل الشغل والفراغ».
٢ - تصورهم أنّ له قوة محيلة للغذاء والدواء.
٣ - تصورهم أنّ بين الدماغ والمعدة منفذاً يلج منه ما يصل الدماغ إلى البطن.
٤ - اعتقادهم أنَّ النهي عن الاكتحال (١) سببه خشية وصول شيء منه إلى
(١) وحديث النهي عن الاكتحال هو ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال: ليتقه الصائم» رواه أبو داود كتاب الصيام، باب في الكحل عند النوم للصائم، رقم: ٢٣٧٧، وقال أبو داود بعد روايته للحديث: «قال لي يحيى بن معين: هذا حديث منكر» فالحديث ضعيف.