للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر الحافظ ابن حجر في «الفتح» أجوبة العلماء عن الاستدلال بهذا الحديث، وأنه ليس كما فهمه غلاة الصوفية، ومن هؤلاء الأئمة الحليمي حيث قال: «يحتمل أن يكون المراد بهؤلاء المذكورين في الحديث من غفل عن أحوال الدنيا وما فيها من الأسباب المُعدة لدفع العوارض، فهم لا يعرفون الاكتواء، ولا الاسترقاء، وليس لهم ملجأ فيما يعتريهم إلا الدعاء والاعتصام بالله، والرضا بقضائه، فهم غافلون عن طب الأطباء ورقى الرقاة ولا يخشون من ذلك شيئًا» (١).

الترجيح: بعد استعراض الأقوال، وأدلة كل فريق، ومناقشة الأدلة يترجح للباحث أنّ التداوي تلحقه الأحكام التكليفية الخمسة، وأنّه لا عبرة بقول غلاة الصوفية بالتحريم مطلقاً لتهافت أدلتهم ولمخالفته لما انعقد عليه الإجماع السكوتي قبلهم.

فقد يكون التداوي واجباً، وقد يكون مستحباً، وقد يكون مباحاً، وقد يكون مكروهاً، وقد يكون محرماً بحسب اختلاف الأحوال والأشخاص جمعاً بين الأدلة وإعمالا لها جميعاً، فحكمه يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص:

- فيكون واجباً على الشخص إذا كان تركه يفضي إلى تلف نفسه، أو أحد أعضائه، أو عجزه، أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره كالأمراض المنتقلة.

-


(١) ابن حجر، أحمد بن علي العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج ١٠، ص ٢١١.

<<  <   >  >>