للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجمهور في ضابط المُفَطِّرات التي توسعوا فيها تبعاً لتوسعهم في الجوف الذي جعلوه مناطاً لفساد الصوم، إلا أننا عند التأمل في مذهب المضيقين نجد أنهم وافقوا الجمهور في المحل الذي اتفقوا عليه من الجوف، والذي دل النص على أنّه مناط لفساد الصوم بما يصل إليه، وخالفوهم فيما تباينت فيه وجهاتهم إذ لا يوجد نص صريح على ما ذهبوا إليه، ولا علة منصوصة يمكن الركون إليها في توسيع دائرة المُفَطِّرات بما يشق على المكلفين، فبقي الأصل التشريعي في التكاليف وهو رفع الحرج، وكما قال الشعبي: «إذا اختلف عليك في أمرين، فخذ أيسرهما، فإن أيسرهما أقربهما من الحق؛ لأنّ الله - عز وجل - يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]» (١).

والمضيقون منهم مَنْ حمله على ذلك أصوله المانعة والممانعة للقياس كابن حزم، ومنهم من ولجه بأدواته القياسية نافياً وجود علة صريحة يمكن البناء عليها في إفساد عبادة صحيحة متيقنة، وأنّ التوسع من الحرج الذي يجب رفعه عن المكلفين الذين يشق عليهم معرفة تفاصيل المُفَطِّرات المبنية على تلك العلة المستنبطة، وهذا مسلك ابن تيمية والقرضاوي، والعثيمين.

والباحث يرجح مذهب المضيقين بمسلكه القياسي لما له من قوة حجة،


(١) نقله عنه الإمام البغوي. انظر: البغوي، الحسين بن مسعود، شرح السنة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط - محمد زهير الشاويش (دمشق-بيروت: المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م) ج ١٤، ص ٣٩١.

<<  <   >  >>