للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك مسألة أقل الحمل وأكثره وما بُني عليه من أحكام (١).

وما أجمل ما قاله الطاهر بن عاشور في الموقف من كلام المتقدمين حيث يقول - رحمه الله -: «ولقد رأيت الناس حول كلام الأقدمين أحد رجلين: رجل معتكف فيما شاده الأقدمون, وآخر آخذ بمعوله فيهدم ما مضت عليه القرون, وفي كلتا الحالتين ضُرٌ كثير, وهناك حالة أخرى ينجبر بها الجناح الكسير, وهي أن نعمد إلى ما أشاده الأقدمون فنهذبه ونزيده, وحاشا أن ننقضه أو نبيده, علماً بأن غمط فضلهم كفران للنعمة, وجحد مزايا سلفها ليس من حميد خصال الأمة» (٢).

وسوف أتطرق لبيان أنّ علة الجوف وجعلها مناطاً لما يفسد الصوم أمرٌ مستنبط من تعبيرات الفقهاء, ولم ينص عليها الشارع في موضوع الصوم مطلقاً, ولم يربط بها حكماً من أحكام الصوم أو مفسداته، وهو الأمر الذي أحدث إرباكاً وتوسعاً في باب المُفَطِّرات، ونظيره استعمال الفقهاء لفظ المخيط في محظورات الإحرام مع عدم وروده في النص النبوي، وإنما ورد النهي عن لباس معين (٣).

ولما كان الجوف غير مذكور في النص الشرعي فيما يخص الصوم، ولم يربط


(١) انظر: بن قاسم، عبد الرشيد بن محمد أمين، أقل وأكثر مدة الحمل دراسة فقهية طبية، (بحث منشور في موقع المشكاة، http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=٣٦٠٥٩ ، ص ٤.
(٢) ابن عاشور, محمد الطاهر, التحرير والتنوير, (تونس: دار سحنون للنشر والتوزيع, د. ط، ١٩٩٧ م) ج ١, ص ٧.
(٣) ذكر بعض أهل العلم أنّ أول من عبَّر بلفظ المخيط هو إبراهيم النخعي (ت:٩٦ هـ)، وتوسع الفقهاء من بعده في مفهومه، انظر: العثيمين, محمد بن صالح، الممتع شرح زاد المستقنع، مرجع سابق، ج ٧، ص ١٢٧.

<<  <   >  >>