للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم تستقر في تحديد الجوف على ضابط معين فمنهم من قصره على التجويف البطني، وهذا ما ذهب إليه جمهور الأحناف، مع اعتبار الداخل إلى الدماغ مفطراً، لا لكونه جوفاً أصلياً مؤثرا، وإنما لأنّ فيه منفذاً للتجويف البطني – حسب اعتقادهم-، وهذه نصوصهم تدل على ذلك.

قال ابن نجيم: «والمراد بترك الأكل ترك إدخال شيءٍ في بطنه أعم من كونه مأكولاً أو غير مأكول، ولا يرد ما وصل إلى الدماغ فإنه مفطر لما أنّ بين الدماغ والجوف منفذاً، فما وصل إلى الدماغ وصل إلى الجوف» (١).

وقال الكاساني: «وما وصل إلى الجوف أو إلى الدماغ من المخارق الأصلية، كالأنف، والأذن، والدبر، بأن استعط أو احتقن أو أقطر في أذنه فوصل إلى الجوف أو إلى الدماغ فسد صومه, أما إذا وصل إلى الجوف فلا شك فيه لوجود الأكل من حيث الصورة. وكذا إذا وصل إلى الدماغ، لأنَّ له منفذاً إلى الجوف، فكان بمنزلة زاوية من زوايا الجوف» (٢).

فمن هذه النصوص يتبين أنّ التأثير حاصل عندهم بما يصل إلى التجويف البطني، وأنّ ما يصل إلى الدماغ مؤثر لكونه منفذاً إلى التجويف البطني.

وقال ابن عابدين: «والتحقيق: أن بين جوف الرأس وجوف المعدة منفذاً


(١) ابن نجيم، زين الدين، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، مرجع سابق، ج ٢، ص ٢٧٩.
(٢) الكاساني، علاء الدين، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (بيروت: دار الكتاب العربي، الطبعة الثانية ١٩٨٢) ج ٢، ص ٩٣.

<<  <   >  >>