للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقيقة، وهما يعتبران الوصول بالمخارق الأصلية (١)، لا غير. ويقولون: في المخارق يتيقن الوصول، فأما في المخارق العارضة فيحتمل الوصول إلى الجوف، ويحتمل الوصول إلى موضع آخر، لا إلى محل الغذاء والدواء، فلا يفسد الصوم مع الشك والاحتمال، وأبو حنيفة يقول: الوصول إلى الجوف ثابت ظاهراً، فكفى لوجوب القضاء احتياطاً» (٢).

وهذا يدل على أنّ الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه –رحمهم الله- قائم في مسألة الداخل من الإحليل، ومسألة ما ينفذ إلى الجوف من غير المخارق الأصلية.

كما أنّ الأحناف لا يكتفون بمجرد دخول الشيء إلى الجوف، وإنما يشترطون استقرار المادة التي دخلت.

قال الكاساني: «ولو طُعِن برمح فوصل إلى جوفه أو إلى دماغه: فإن أخرجه مع النصل لم يفسد، وإن بقي النصل فيه يفسد، وكذا قالوا: فيمن ابتلع لحماً مربوطاً على خيط ثم انتزعه من ساعته إنَّه لا يفسد، وإن تركه فسد ... وهذا يدل على أن استقرار الداخل في الجوف شرط فساد الصوم» (٣).

ومما سبق ندرك أن جمهور الأحناف يقتصرون على حصر الجوف بالتجويف


(١) المخارق الأصليه عندهم هي: الفم، والأنف، والأذن، وفرج المرأة. انظر: السرخسي، محمد بن أحمد بن سهل، المبسوط، مرجع سابق، ج ٣، ص ٦٨.
(٢) السمرقندي، علاء الدين، تحفة الفقهاء، (بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٤ م) ج ٢، ص ٣٥٦.
(٣) الكاساني، علاء الدين، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، مرجع سابق، ج ٢، ص ٩٣.

<<  <   >  >>