للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّالِثُ: أَنَّهُ خَاطَبَهُمَا مَعًا وَخَصَّ مُوسَى بِالنِّدَاءِ لِمُطَابَقَةِ رُءُوسِ الْآيِ مَعَ ظُهُورِ الْمُرَادِ، وَنَظَيرُ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى [٢٠ \ ١١٧] ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَبَعٌ لِزَوْجِهَا، وَبِأَنَّ شَقَاءَ الْكَدِّ وَالْعَمَلِ يَتَوَلَّاهُ الرِّجَالُ أَكْثَرَ مِنَ النِّسَاءِ، وَبِأَنَّ الْخِطَابَ لِآدَمَ وَحْدَهُ، وَالْمَرْأَةُ ذُكِرَتْ فِيمَا خُوطِبَ بِهِ آدَمُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ [٢٠ \ ١١٧] فَهِيَ ذُكِرَتْ فِيمَا خُوطِبَ بِهِ آدَمُ وَالْمُخَاطَبُ هُوَ وَحْدَهُ، وَلِذَا قَالَ: «فَتَشْقَى» لِأَنَّ الْخِطَابَ لَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَيْهَا هِيَ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ.

ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ آدَمَ نَاسٍ لِلْعَهْدِ بِالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ، لِأَنَّ الشَّيْطَانَ قَاسَمَهُ بِاللَّهِ أَنَّهُ لَهُ نَاصِحٌ حَتَّى دَلَّاهُ بِغُرُورٍ وَأَنْسَاهُ الْعَهْدَ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَعْذُورٌ لَا عَاصٍ.

وَقَدْ جَاءَتْ آيَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى [٢٠ \ ١٢١] .

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: هُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ عَدَمِ الْعُذْرِ بِالنِّسْيَانِ لِغَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ.

الثَّانِي: أَنَّ نَسِيَ بِمَعْنَى تَرَكَ، وَالْعَرَبُ رُبَّمَا أَطْلَقَتِ النِّسْيَانَ بِمَعْنَى التَّرْكِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ الْآيَةَ [٧ \ ٥١] ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

<<  <   >  >>