للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ الْأَنْعَامِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ الْآيَةَ.

هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الْكَافِرِينَ وَنَظِيرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ [١٠] .

وَقَدْ جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ [٤٧ \ ١١] .

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ مَوْلَى الْكَافِرِينَ أَنَّهُ مَالِكُهُمُ الْمُتَصَرِّفُ فِيهِمْ بِمَا شَاءَ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ دُونَ الْكَافِرِينَ، أَيْ وِلَايَةُ الْمَحَبَّةِ وَالتَّوْفِيقِ وَالنَّصْرِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: رُدُّوا وَقَوْلِهِ: مَوْلَاهُمُ عَائِدٌ إِلَى الْمَلَائِكَةِ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْآيَةِ أَصْلًا، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ

هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ يُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ لَا إِثْمَ عَلَى مَنْ جَالَسَ الْخَائِضِينَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِالِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّكْذِيبِ.

وَقَدْ جَاءَتْ آيَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ جَالَسَهُمْ كَانَ مِثْلَهُمْ فِي الْإِثْمِ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا - إِلَى قَوْلِهِ - إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ [٤ \ ١٤٠] ، اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ [٦] ، وَجْهَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَعْنَى وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مُجَالَسَةُ الْكُفَّارِ عِنْدَ خَوْضِهِمْ فِي آيَاتِ اللَّهِ مِنْ حِسَابِ الْكُفَّارِ مِنْ شَيْءٍ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا إِشْكَالَ

<<  <   >  >>