للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ الْحَشْرِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ.

تَقَدَّمَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْإِطْلَاقِ الَّذِي فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَالتَّقْيِيدِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [٨ \ ٢٤] . وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ [٦٠ \ ١٢] ، فِي سُورَةِ «الْأَنْفَالِ» .

سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ الْآيَةَ.

هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلِ الْمُؤْمِنَ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ دَارِهِ لَا يَحْرُمُ بِرُّهُ، وَالْإِقْسَاطُ إِلَيْهِ، وَقَدْ جَاءَتْ آيَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى مَنْعِ مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ وَمُوَادَّتِهِمْ مُطْلَقًا. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [٥ \ ٥١] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [٦٠ \ ٩] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الْآيَةَ [٥٨ \ ٢٢] .

وَالْجَوَابُ هُوَ أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِنَسْخِ هَذِهِ الْآيَةِ فَلَا إِشْكَالَ فِيهَا عَلَى قَوْلِهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مُحْكَمَةٌ فَوَجْهُ الْجَمْعِ مَفْهُومٌ مِنْهَا لِأَنَّ الْكَافِرَ الَّذِي لَمْ يُنْهَ عَنْ بِرِّهِ وَالْإِقْسَاطِ إِلَيْهِ مَشْرُوطٌ فِيهِ عَدَمُ الْقِتَالِ فِي الدِّينِ، وَعَدَمُ إِخْرَاجِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ دِيَارِهِمْ، وَالْكَافِرُ الْمَنْهِيُّ عَنْ ذَلِكَ فِيهِ هُوَ الْمُقَاتِلُ فِي الدِّينِ الْمُخْرِجُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ دِيَارِهِمُ الْمُظَاهِرُ لِلْعَدُوِّ عَلَى إِخْرَاجِهِمْ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

<<  <   >  >>