للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ السَّجْدَةِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ الْآيَةَ.

أَسْنَدَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ التَّوَفِّيَ إِلَى مَلَكٍ وَاحِدٍ وَأَسْنَدَهُ فِي آيَاتٍ أُخَرَ إِلَى جَمَاعَةِ الْمَلَائِكَةِ كَقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ الْآيَةَ [٨ \ ٥٠] .

وَقَوْلِهِ: وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ الْآيَةَ [٦ \ ٩٣] .

وَأَسْنَدَهُ فِي آيَةٍ أُخْرَى إِلَى نَفْسِهِ جَلَّ وَعَلَا وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى. اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا الْآيَةَ [٣٩ \ ٤٢] .

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ إِسْنَادَهُ التَّوَفِّيَ إِلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَقْبِضَ رُوحَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَمَشِيئَتِهِ تَعَالَى: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا [٣ \ ١٤٥] ، وَأَسْنَدَهُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ، وَأَسْنَدَهُ لِلْمَلَائِكَةِ لِأَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ لَهُ أَعْوَانٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ تَحْتَ رِئَاسَتِهِ، يَفْعَلُونَ بِأَمْرِهِ وَيَنْزِعُونَ الرُّوحَ إِلَى الْحُلْقُومِ، فَيَأْخُذُهَا مَلَكُ الْمَوْتِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

<<  <   >  >>