للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ الْأَحْقَافِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ الْآيَةَ.

هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَعْلَمُ مَصِيرَ أَمْرِهِ، وَقَدْ جَاءَتْ آيَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّ مَصِيرَهُ إِلَى الْخَيْرِ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ [٤٨ وَمَا تَأَخَّرَ تَنْصِيصٌ عَلَى حُسْنِ الْعَاقِبَةِ وَالْخَاتِمَةِ.

وَالْجَوَابُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّمَهُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ كَانَ لَا يَعْلَمُهُ وَيَسْتَأْنِسُ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ الْآيَةَ [٤ \ ١١٣] ، وَقَوْلِهِ: مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا الْآيَةَ [٤٢ \ ٥٢] ، وَقَوْلِهِ: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى [٩٣ ٧] وَقَوْلِهِ: وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ الْآيَةَ [٢٨ ٨٦] .

وَهَذَا الْجَوَابُ، هُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مُرَادُ عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ بِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ الْآيَةَ [٤٨] .

وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ «الْأَحْقَافَ» مَكِّيَّةٌ، وَسُورَةُ «الْفَتْحِ» نَزَلَتْ عَامَ سِتٍّ فِي رُجُوعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ.

وَأَجَابَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْحَوَادِثِ وَالْوَقَائِعِ، وَعَلَيْهِ فَلَا إِشْكَالَ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ.

هَذِهِ الْآيَةُ يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِهَا أَنَّ جَزَاءَ الْمُطِيعِ مِنَ الْجِنِّ غُفْرَانُ ذُنُوبِهِ

<<  <   >  >>