بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ.
هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْمَعْبُودَاتِ مَعَ عَابِدِيهَا فِي النَّارِ.
وَقَدْ أَشَارَتْ آيَاتٌ أُخَرُ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْمَعْبُودِينَ كَعِيسَى وَالْمَلَائِكَةِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا [٤٣ \ ٥٧] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ [٤٣ \ ٤٠] وَقَوْلِهِ: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ الْآيَةَ [١٧: ٥٧] .
وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمْ تَتَنَاوَلِ الْمَلَائِكَةَ وَلَا عِيسَى لِتَعْبِيرِهِ بِـ: «مَا» الدَّالَّةِ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِلِ.
وَقَدْ أَشَارَ تَعَالَى إِلَى هَذَا الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ [٤٣ \ ٥٨] لِأَنَّهُمْ لَوْ أَنْصَفُوا لَمَا ادَّعَوْا دُخُولَ الْعُقَلَاءِ فِي لَفْظٍ لَا يَتَنَاوَلُهُمْ لُغَةً.
الثَّانِي: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ وَعِيسَى نَصَّ اللَّهُ عَلَى إِخْرَاجِهِمْ مِنْ هَذَا دَفْعًا لِلتَّوَهُّمِ وَلِهَذِهِ الْحُجَّةِ الْبَاطِلَةِ بِقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ الْآيَةَ [٢١ \ ١٠١] ،، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [٢١ \ ١٠٨] .
عَبَّرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِلَفْظِ: «إِنَّمَا» وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ،
وَعَلَيْهِ فَهِيَ تَدُلُّ عَلَى حَصْرِ الْوَحْيِ فِي تَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ.
وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَى إِلَيْهِ غَيْرَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute