للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ النَّمْلِ

قَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ بِلْقِيسَ: وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ.

يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ رُسُلِهَا إِلَى سُلَيْمَانَ وَقَوْلُهُ: فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ [٢٧ \ ٣٦] ، بِإِفْرَادِ فَاعِلِ جَاءَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ الْآيَةَ [٢٧ \ ٣٧] ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ وَاحِدٌ.

وَالظَّاهِرُ فِي الْجَوَابِ، هُوَ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَنَّ الرُّسُلَ جَمَاعَةٌ، وَعَلَيْهِمْ رَئِيسٌ مِنْهُمْ، فَالْجَمْعُ نَظَرًا إِلَى الْكُلِّ وَالْإِفْرَادُ نَظَرًا إِلَى الرَّئِيسِ، لِأَنَّ مَنْ مَعَهُ تَبَعٌ لَهُ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا.

هَذِهِ الْآيَةُ يَدُلُّ ظَاهِرُهَا عَلَى أَنَّ الْحَشْرَ خَاصٌّ بِهَؤُلَاءِ الْأَفْوَاجِ الْمُكَذِّبَةِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ: وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ [٢٧ \ ٨٧] ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَشْرَ عَامٌّ، كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْآيَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ عَنْ كَثْرَةٍ.

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا، هُوَ مَا بَيَّنَهُ الْأَلُوسِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ يُرَادُ بِهِ الْحَشْرُ الْعَامُّ وَقَوْلَهَ: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا أَيْ بَعْدَ الْحَشْرِ الْعَامِّ يَجْمَعُ اللَّهُ الْمُكَذِّبِينَ لِلرُّسُلِ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ لِأَجْلِ التَّوْبِيخِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [٢٧ \ ٨٤] ، فَالْمُرَادُ بِالْفَوْجِ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ الْفَوْجُ الْمُكَذِّبُ لِلرُّسُلِ يُحْشَرُ لِلتَّوْبِيخِ حَشْرًا خَاصًّا، فَلَا يُنَافِي حَشْرَ الْكُلِّ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَحْسَنُ مِنْ تَخْصِيصِ الْفَوْجِ بِالرُّؤَسَاءِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ.

<<  <   >  >>