الْإِنْسَانُ أَنْ يَسْأَلَ أُمَّهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.
وَالْجَوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ الْآنَ فَهُنَّ أُمَّهَاتٌ فِي الْحُرْمَةِ وَالِاحْتِرَامِ وَالتَّوْقِيرِ وَالْإِكْرَامِ، لَا فِي الْخَلْوَةِ بِهِنَّ وَلَا فِي حُرْمَةِ بَنَاتِهِنَّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الْآيَةَ.
يَظْهَرُ تَعَارُضُهُ مَعَ قَوْلِهِ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ الْآيَةَ [٣٣ \ ٥٢] .
وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ، مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» أَنَّهُ أَحَدُ الْمَوْضِعَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْمُصْحَفِ نَاسِخُهُمَا
قَبْلَ مَنْسُوخِهِمَا، لِتَقَدُّمِهِ فِي تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ، مَعَ تَأَخُّرِهِ فِي النُّزُولِ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ.
وَقِيلَ الْآيَةُ النَّاسِخَةُ لَهَا هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ الْآيَةَ [٣٣ \ ٥١] .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هِيَ مُحْكَمَةٌ، وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ، أَيْ مِنْ بَعْدِ النِّسَاءِ الَّتِي أَحَلَّهُنَّ اللَّهُ لَكَ فِي قَوْلِهِ: إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الْآيَةَ.
فَتَكُونُ آيَةُ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مُحَرِّمَةٌ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي آيَةِ: إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ كَالْكِتَابِيَّاتِ وَالْمُشْرِكَاتِ وَالْبَدَوِيَّاتِ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ فِيهِنَّ، وَبَنَاتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّاتِ، وَبَنَاتِ الْخَالِ وَالْخَالَاتِ، اللَّاتِي لَمْ يُهَاجِرْنَ مَعَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ فِيهِنَّ أَيْضًا.
وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ النَّسْخِ قَالَ بِهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُجَاهِدٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ فِي رِوَايَةٍ، وَأَبُو رَزِينٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَأَبُو صَالِحٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ فِي رِوَايَةٍ، وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمْ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute