للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: الَّذِي يَظْهَرُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّ الْعَوْدَ لَهُ مَبْدَأٌ وَمُنْتَهَى، فَمَبْدَؤُهُ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ وَمُنْتَهَاهُ الْوَطْءُ بِالْفِعْلِ، فَمَنْ عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ فَقَدْ عَادَ بِالنِّيَّةِ فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ، وَمَنْ وَطِئَ بِالْفِعْلِ تَحَتَّمَ فِي حَقِّهِ اللُّزُومُ وَخَالَفَ بِالْإِقْدَامِ عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، وَيَدُلُّكَ لِهَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَالَ: إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْنَا الْقَاتِلَ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ فَبَيَّنَ أَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْفِعْلِ عَمَلٌ يُؤَاخَذُ بِهِ الْإِنْسَانُ.

فَإِنْ قِيلَ: ظَاهِرُ الْآيَةِ الْمُتَبَادِرُ مِنْهَا يُوَافِقُ قَوْلَ الظَّاهِرِيَّةِ الَّذِي قَدَّمْنَا بُطْلَانَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ: لِمَا قَالُوا أَنَّهُ صِيغَةُ الظِّهَارِ فَيَكُونُ الْعَوْدُ لَهَا تَكْرِيرُهَا مَرَّةً أُخْرَى.

فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى «لِمَا قَالُوا» أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ وَهُوَ الْجِمَاعُ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ وُجُودُ نَظِيرِهِ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ [١٩ ٨٠] ، أَيْ مَا يَقُولُ إِنَّهُ يُؤْتَاهُ

مِنْ مَالٍ وَوَلَدٍ فِي قَوْلِهِ: لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا [١٩ \ ٧٧] ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ مَنْ جَامَعَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ يَلْزَمُهُ الْكَفُّ عَنِ الْمَسِيسِ مَرَّةً أُخْرَى حَتَّى يُكَفِّرَ، هُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بِالْجِمَاعِ قَبْلَ الْمَسِيسِ.

كَمَا رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي يُوسُفَ وَلِمَنْ قَالَ: تَلْزَمُ بِهِ كَفَّارَتَانِ.

كَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَلِمَنْ قَالَ: تَلْزَمُ بِهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ، كَمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً.

<<  <   >  >>