للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا الْآيَةَ [٣٣ \ ٤٩] .

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ آيَةَ: «وَالْمُطَلَّقَاتُ» عَامَّةٌ، وَهَذِهِ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ أَخَصُّ مِنْهَا فَهِيَ مُخَصِّصَةٌ لَهَا، فَهِيَ إِذًا مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.

هَذِهِ الْآيَةُ يَظْهَرُ تَعَارُضُهَا مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [٢ ٢٤٠] ، وَالْجَوَابُ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ الْأُولَى نَاسِخَةٌ لِهَذِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهَا فِي الْمُصْحَفِ لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهَا فِي النُّزُولِ، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ هِيَ الْأُولَى فِي الْمُصْحَفِ وَهِيَ نَاسِخَةٌ لِآيَةٍ بَعْدَهَا فِيهِ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا هَذَا الْمَوْضِعُ، الثَّانِي آيَةُ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ [٣٣ ٥٠] ، هِيَ الْأُولَى فِي الْمُصْحَفِ وَهِيَ نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ الْآيَةَ [٣٣ ٥٢] ، لِأَنَّهَا وَإِنْ تَقَدَّمَتْ فِي الْمُصْحَفِ فَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ فِي النُّزُولِ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّسْخِ وَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَحْرِيرُ الْمَقَامِ فِي سُورَةِ «الْأَحْزَابِ» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ.

هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرِهُ أَحَدٌ عَلَى الدُّخُولِ فِي الدِّينِ، وَنَظِيرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [١٠ ٩٩] .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ [٤٢ ٤٨] ، وَقَدْ جَاءَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مَا يَدُلُّ عَلَى إِكْرَاهِ الْكُفَّارِ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ بِالسَّيْفِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ [٤٨ ١٦] ، وَقَوْلِهِ: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ [٢ ١٩٣] ، أَيْ شِرْكٌ.

وَيَدُلُّ لِهَذَا التَّفْسِيرِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَدِيثَ، وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِأَمْرَيْنِ:

الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي خُصُوصِ أَهْلِ الْكِتَابِ،

<<  <   >  >>