للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَهَذِهِ النُّقُولُ تَدُلُّ عَلَى خُصُوصِهَا بِأَهْلِ الْكِتَابِ الْمُعْطِينَ الْجِزْيَةَ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ، وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ فِيهَا عُرِفَ بِالنَّقْلِ عَنْ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ لَا بِمُطْلَقِ خُصُوصِ السَّبَبِ، وَمِمَّا يَدُلُّ لِلْخُصُوصِ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلَاسِلِ.

الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَاتِ الْقِتَالِ كَقَوْلِهِ: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ الْآيَةَ [٩ ٥] ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ سُورَةَ «الْبَقَرَةِ» مِنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ، وَسُورَةُ «بَرَاءَةَ» مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ بِهَا، وَالْقَوْلُ بِالنَّسْخِ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَآيَاتُ السَّيْفِ نَزَلَتْ بَعْدَ نُزُولِ السُّورَةِ الَّتِي فِيهَا: «لَا إِكْرَاهَ» الْآيَةَ، وَالْمُتَأَخِّرُ أَوْلَى مِنَ الْمُتَقَدِّمِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ الْآيَةَ.

هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّ الْوَسْوَسَةَ وَخَوَاطِرَ الْقُلُوبِ يُؤَاخَذُ بِهَا الْإِنْسَانُ مَعَ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى دَفْعِهَا، وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُكَلَّفُ إِلَّا بِمَا يُطِيقُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [٢ ٢٨٦] ، وَقَوْلِهِ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [٦٤ \ ١٦] .

وَالْجَوَابُ أَنَّ آيَةَ: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا.

<<  <   >  >>