فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَلِيَأْكُلْهُ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: إِنَّ رَفْعَ الْحَدِيثِ خَطَأٌ أَخْطَأَ فِيهِ مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ، وَالصَّوَابُ وَقْفُهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
كَمَا رَوَاهُ بِذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ.
وَمِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْبَعْضُ عَلَى أَكْلِ ذَبِيحَةِ النَّاسِي لِلتَّسْمِيَةِ دَلَالَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى الْعُذْرِ بِالنِّسْيَانِ.
وَمِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْبَعْضُ لِذَلِكَ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ مِنَّا يَذْبَحُ وَيَنْسَى أَنْ يُسَمِّيَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْمُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ هَذَا الْحَدِيثَ وَضَعَّفَهُ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ مَرْوَانَ بْنَ سَالِمٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيَّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ ذَبِيحَةَ الْمُسْلِمِ تُؤْكَلُ وَلَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ مَا لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُرَادُ بِهِ مَا أَهَّلَ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ لَا شَيْءَ آخَرَ، وَقَدِ ادَّعَى بَعْضُهُمُ انْعِقَادَ الْإِجْمَاعِ قَبْلَ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا لَا يُؤْكَلُ، وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَغَيْرُهُ: لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِجَوَازِ بَيْعِهِ لَمْ يُنَفَّذْ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ. وَاسْتَغْرَبَ ابْنُ كَثِيرٍ حِكَايَةَ الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ قَائِلًا: إِنَّ الْخِلَافَ فِيهِ قَبْلَ الشَّافِعِيِّ مَعْرُوفٌ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا لَمْ يُسَمِّ عَلَى ذَبِيحَتِهِ لَا تُؤْكَلُ مُطْلَقًا تَرَكَهَا عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا. وَهُوَ مَذْهَبُ دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: ثُمَّ نَقَلَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا كَرِهَا مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ نِسْيَانًا وَالسَّلَفُ يُطْلِقُونَ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ كَثِيرًا.
ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ أَنَّ ابْنَ جَرِيرٍ لَا يَعْتَبِرُ مُخَالَفَةَ الْوَاحِدِ أَوِ الِاثْنَيْنِ لِلْجُمْهُورِ فَيَعُدُّهُ إِجْمَاعًا مَعَ مُخَالَفَةِ الْوَاحِدِ أَوِ الِاثْنَيْنِ، وَلِذَلِكَ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى أَكْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute