للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَقْرَبُ تِلْكَ الْوُجُوهِ عِنْدَنَا هُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ لِأَنَّ خَيْرَ مَا يُفَسَّرُ بِهِ الْقُرْآنُ الْقُرْآنُ، وَذَلِكَ هُوَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ، مُضَمَّنٌ مَعْنَى مَا وَصَّاكُمْ رَبُّكُمْ بِهِ تَرْكًا وَفِعْلًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى هَذَا لِأَنَّ اللَّهَ رَفَعَ هَذَا الْإِشْكَالَ وَبَيَّنَ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [٦ \ ١٥١] ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَصَّاكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا، وَنَظِيرُهُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

حَجَّ وَأَوْصَى بِسُلَيْمَى عَبْدًا ... أَنْ لَا تَرَى وَلَا تُكَلِّمُ أَحَدًا

وَمِنْ أَقْرَبِ الْوُجُوهِ بَعْدَ هَذَا وَجْهَانِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَعْنَى: يُبَيِّنُهُ لَكُمْ لِئَلَّا تُشْرِكُوا.

وَالثَّانِي: أَنَّ «أَنْ» مِنْ قَوْلِهِ: أَلَّا تُشْرِكُوا مُفَسِّرَةٌ لِلتَّحْرِيمِ، وَالْقَدْحُ فِيهِ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا [٦ \ ١٥٣] ، مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَعَطْفُهُ عَلَيْهِ يُنَافِي

التَّفْسِيرَ مَدْفُوعٌ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الْعَطْفِ لِاحْتِمَالِ حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ فَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَلِأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَلَكِنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَعَلَيْهِ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْآيَةِ أَصْلًا.

<<  <   >  >>