للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضرب متردّد بين الأمرين، يجوز ان يختصّ بمعرفة حقيقته بعض الراسخين في العلم، ويخفي علي من دونهم» (١).

إذن: الآيات المتشابهات هي التي في فهمها إشكال، لما فيها من تشابه في لفظها أو معناها، أو فيهما معا. كالآيات التي تتحدث عن صفات الله أو يوم القيامة.

وحتي نفهم هذه الآيات المتشابهات، فلا بدّ من حملها علي أصلها وهي الآيات المحكمات، ولا بدّ من إرجاعها إلي أمّ الكتاب، لتفهم علي ضوئها. وهذا ما يوحي به تركيب الآية: مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ- هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ- وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ.

وكان محمد بن جعفر بن الزبير دقيقا وفطنا عند ما قال عن الآيات المتشابهات: «لهن تصريف وتأويل، ابتلي الله فيهنّ العباد، كما ابتلاهم في الحلال والحرام، لا يصرفن إلي الباطل، ولا يحرفن عن الحق» (٢).

ما هو موقف الناس من الآيات المتشابهات: التي في فهمهما إشكال، وتحتمل وجوها من التصريف والفهم؟

الناس فريقان: فريق الذين في قلوبهم زيغ، وفريق الراسخين في العلم، ولكلّ من الفريقين طريقة في فهم المتشابهات في القرآن.

الفريق الأول: الذين في قلوبهم زيغ: قال الله عنهم: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ، ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ، وابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ، وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ.

وعند ما ننظر في هذه الكلمات التي تتحدث عن موقف هؤلاء الزائغين من المتشابه، فإننا نري فيها ما يلي:


(١) مختارات منتقاة دالة من كلام الراغب عن المتشابه في المفردات: ٤٤٣ - ٤٤٥.
(٢) سيرة ابن هشام: ٢/ ٢٢٦.

<<  <   >  >>