١ - هم في قلوبهم زيغ وانحراف وميل عن الحق، والانحراف عن الحق في القلب هو أساس الداء، لأن استقامة القلب أساس استقامة العقل وحسن الفهم، وانحراف القلب هو سبب انحراف العقل وسوء الفهم.
٢ - زيغ قلوبهم دفعهم إلي اتباع الآيات المتشابهات: فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ، فهم يبحثون عن الآيات المتشابهات ويتتبّعونها، ويجمعونها، ويريدون فهم معانيها بذاتها، مجردة عن غيرها.
هي في ذاتها متشابهة، وفي فهمها إشكال، وهم في قلوبهم زيغ، وفي عقولهم اعوجاج، وفي أذهانهم شبهات، فكيف يفهمونها وهم علي هذه الحالة؟ وكيف يزيلون ما فيها من إشكال؟
لماذا تتبعونها؟ لماذا لم يتتبّعوا الآيات المحكمات الواضحات؟ وهي كثيرة في القرآن، وليس فيها إشكال، ولا تحتمل التحريف والتصريف؟ لم يفعلوا ذلك لأن في قلوبهم زيغا، وتتبعوا المتشابهات لأن في قلوبهم زيغا.
والفتنة هي التلبيس وإثارة الشبهات، أي أنهم يريدون فتنة الآخرين، عند ما يتتبّعون المتشابهات أمامهم، وعند ما يثيرون الأسئلة عنها، وعند ما ينشرون الشبهات حولها، يريدون إيقاع الآخرين في اللبس والخلط، وهذه هي الفتنة، التي يفتنون بها الآخرين.
٤ - لزائغي القلوب هدف آخر من اتباع المتشابهات، وهو المتمثل في قوله تعالى: وابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ، إنهم يريدون تأويل هذه الآيات المتشابهات. تأويلها لماذا؟ لتحقيق هدفهم الأول، وهو فتنة أنفسهم، وفتنة الآخرين، والفتنة عندهم عن طريق تأويل هذه المتشابهات.
كيف يؤوّلون الآيات المتشابهات؟ إنهم يريدون الوقوف علي حقيقتها الفعلية، ومآلها العملي يريدون تحديد ما ستئول هذه المتشابهات إليه، وتعيين كيفياتها، وزمانها ومكانها وتفاصيل حدوثها.