وذهب إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري إلي هذا الرأي، واستخدم التأويل بمعنى التفسير، ولذلك سمّي تفسيره «جامع البيان عن تأويل أي القرآن».
وكان ابن جرير يكثر من استعمال التأويل بمعنى التفسير، ولذلك أدار تفسيره علي هذا المعني.
فهم الآية علي هذا المعنى للتأويل:
الراسخون في العلم يعلمون تأويل الآيات المتشابهات، بينما لا يعلم تأويلها الذين في قلوبهم زيغ.
ويكون فهم الآية علي هذا المعنى هكذا:
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ: الآيات المحكمات أمّ وأصل للآيات المتشابهات، فمن أراد فهم وتأويل وتفسير الآيات المتشابهات فلا بدّ من ردّها إلي أصلها وهو الآيات المحكمات.
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ، ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ زائغو القلوب لا يحسنون فهم الآيات المتشابهات ولا تأويلها، ولذلك يفتنون فيها وتصاب قلوبهم بالزيغ والانحراف والميل عن الحق، إنهم ينظرون إليها وحدها، ويتعاملون معها بمعزل عن أصلها، وهو الآيات المحكمات، ولذلك يخطئون في تفسيرها وتأويلها.
وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ: تأويل الآيات المتشابهات، ومعناها الصحيح يعلمه الله، لأنه منزل تلك الآيات.
كما يعلم تأويل هذه الآيات المتشابهات الراسخون في العلم، فرسوخهم في العلم، وتمكنهم منه، أوجد عندهم ملكة في تفسير القرآن وتأويله، ففهموا آياته المحكمات الكثيرة، ولما وقفوا أمام آياته المتشابهات القليلة،