للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ لَهُ مُوسي: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلي أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً؟ قالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً. وكَيْفَ تَصْبِرُ عَلي ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً؟ قالَ: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً، ولا أَعْصِي لَكَ أَمْراً. قالَ: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ، حَتَّي أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً. فَانْطَلَقا. حَتَّي إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها! قالَ: أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً! قالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً؟ قالَ: لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ، ولا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً. فَانْطَلَقا، حَتَّي إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ!! قالَ: أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً. قالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً. قالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي. قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً. فَانْطَلَقا. حَتَّي إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما، فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ، فَأَقامَهُ. قالَ: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً. قالَ: هذا فِراقُ بَيْنِي وبَيْنِكَ! سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً. أَمَّا السَّفِينَةُ: فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها، وكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً! وأَمَّا الْغُلامُ: فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ: فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وكُفْراً. فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وأَقْرَبَ رُحْماً! وأَمَّا الْجِدارُ: فَكانَ

<<  <   >  >>