للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما، وكانَ أَبُوهُما صالِحاً. فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما، ويَسْتَخْرِجا كَنزَهُما، رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ! وما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (١).

معنى تأويل أعمال الخضر:

لما عرض موسي علي الخضر عليهما السلام أن يصحبه ليتعلّم منه، قال له: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً.

وعلل الخضر كلامه بقوله وكَيْفَ تَصْبِرُ عَلي ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً؟ أي: ستري أمامك أعمالا أقوم بها، ظاهرها يدعو للإنكار، وسوف تنكرها أنت عليّ، لأنك لا تعرف حقيقتها، ولا الحكمة منها، ولم تحط بها خبرا.

وفعلا لم يصبر موسي عليه السلام علي أعمال الخضر، فأنكرها عليه.

وقبل أن يفارقه الخضر أراد أن يكشف له عن حقيقة الأعمال الثلاثة، وقال له: سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً.

وبعد أن كشف له تلك الحقيقة، وأوقفه علي الحكمة منها، قال له:

ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً.

إنّ أعمال الخضر الثلاثة: خرق السفينة، وقتل الغلام، وبناء الجدار، لها صورتان: صورة ظاهرية تبدو من الخارج، فتكون فيها غير مقبولة، فيقوم المشاهد بإنكارها، كما فعل موسي عليه الصلاة والسلام! وصورة باطنية حقيقية، تبدو فيها علي حقيقتها، والذي يقف علي هذه الصورة الباطنية يعرف الحكمة الخفية منها، ويعلم أنه علي حقّ في فعل ما يخالف الظاهر، لأنه يتفق مع هذا الباطن، وهذا ما أدركه الخضر، وفعله.


(١) سورة الكهف: ٦٠ - ٨٢.

<<  <   >  >>