علي الحقّ واليقين، وماذا يساوي الظنّ بالنسبة إلي الحق؟ إنه لا يغني عن الحق، ولا يسدّ مسدّه.
وهذا القرآن الذي يسمعونه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو الحق، وهو كلام الله، وما كان لمحمد عليه الصلاة والسلام أن يفتريه من دون الله، ثم ينسبه إلي الله! إن القرآن مصدق للكتب الربانية السابقة، كالتوراة والإنجيل، ومؤكد لما فيها من حقائق حول الدين والإيمان- هذا قبل أن يحرفها أصحابها من اليهود والنصاري- وهذا القرآن مفصّل في معانيه وموضوعاته، وهو كلام الله رب العالمين، لا ريب ولا شكّ في ذلك:«وما كان هذا القرآن أن يفتري من دون الله، ولكن تصديق الذي بين يديه، وتفصيل الكتاب، لا ريب فيه من رب العالمين».
ولكن ما موقف الكفار من هذه الحقائق؟ إنهم ينكرونها، لأنهم يتّبعون الظن. القرآن غير مفتري، وهو كلام الله، ولكنهم يقولون: القرآن مفتري، وليس كلام الله! وطالما لم يسلّموا أنه كلام الله، وقالوا هو كلام البشر، فلا بد من التحدي، إنه إن كان كلام بشر، كان بمقدور البشر الإتيان بمثله، إذن فعلي هؤلاء الكفار تأليف وتقديم سورة، مثل سور القرآن، بيانها وبلاغتها وفصاحتها مثل سور القرآن، ويمكن أن يستعينوا بمن شاءوا من الأعوان، وأن يستشهدوا بمن أرادوا من الشهداء ... فإن عجزوا عن المطلوب، ولم يقدروا علي الإتيان بسورة مثل القرآن، ثبت أنّ القرآن ليس كلام بشر، ولا في مقدور أحد من المخلوقين، فهو كلام الله سبحانه: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ. قُلْ: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ، وادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
لكن هل آمن الكفار واتّبعوا الحق، واعتبروا أنّ القرآن كلام الله؟