كلا. إنهم ما زالوا مصرّين علي التكذيب والكفر، رغم وجود عدة آيات وأدلة وبراهين، تثبت أن القرآن كلام الله، وهي عند أصحاب التفكير السويّ السليم تنتج الايمان واليقين والتسليم.
بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ: كذّب الكفار بالقرآن، قبل أن يحيطوا علما بآياته وبراهينه وأدلته، وقبل أن يختبروا صدق ما فيه، وقبل أن يتأكدوا منه، ويتمكّنوا من البحث، والتحري، والدراسة، والاستقصاء، لأنّ التكذيب منهم قرار مسبق، لن يتراجعوا عنه، مهما اتضح لهم من الحقائق الهادية، إنهم رفضوا الحقّ عنادا، وكذبوا به عنادا.
ولو فكروا في الموضوع بمنهجية وعلمية وإنصاف، لآمنوا وصدّقوا بالحق.
وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ: كذّب الكفار بالقرآن، قبل أن يحيطوا به علما، وقبل أن يأتيهم تأويل آياته، لقد كانوا متسرّعين متعجلين في التكذيب، وماذا عليهم لو تأنوا وتريثوا؟ ماذا عليهم لو انتظروا قليلا إلي أن يأتيهم تأويل القرآن؟ إنهم لو تريثوا لعرفوا أنه الحق، ولو انتظروا لحين تأويل آياته، وتحقّقها أمامهم في عالم الواقع، في صورة مادية فعلية، لعرفوا أنّ القرآن حق، وأنّ وعوده تتحقّق وتتأوّل فعلا.
كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: كفار قريش مثل الكفار الذين من قبلهم في اتباع الظن، وفي التكذيب بالحق، وفي التسرّع والتعجّل بالتكذيب، وفي عدم التريث والتأني، وانتظار تأويل وعود وتهديدات الله، في الكتب التي أنزلها إليهم.
فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ كان تكذيب الكفار السابقين، علي تلك الصورة المتعجلة المتسرعة، سببا في وقوع العذاب بهم، فلما أتاهم تأويل التهديدات، وشاهدوا تحقّقها في عالم الواقع، في صورة عذاب ودمار، أهلكهم الله وقضي عليهم، فزالوا عن الوجود. انظر كيف كانت عاقبتهم وكيف كانت نهايتهم؟