وهؤلاء الكفار المكذّبون لك يا محمد، كذّبوا كما كذّب الكفار من قبلهم، وتعجلوا كما تعجل الذين من قبلهم، ولهذا سيقع بهم كما وقع بالذين من قبلهم، وسيدمرهم الله كما دمر الذين من قبلهم، وانتظر هذه العاقبة المؤلمة لهم، إن لم يتراجعوا عن كفرهم.
إنّ هذه الآية تهديد ووعيد للكفار المكذبين، وإمهال لهم لحين تأويل آيات القرآن، التي تقرر هزيمتهم وهلاكهم، وانتصار الحق، وتحقّق هذه الآيات في صورتها المادية الواقعية.
فما موقف الكفار من هذا التهديد؟
سينقسمون إلي قسمين: قسم يتأثر به، ويكفر في موقفه، ويغير مساره، ويؤمن بالقرآن، ويتبع الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقسم لن يتأثر به، ولن يستفيد منه، وسيبقي مصرا علي عناده وكفره وتكذيبه، إلي أن يتحقق التأويل، ويقع العذاب.
وقد أشار إلي القسمين قوله تعالى: ومِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، ومِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ، ورَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ.
أما الذين آمنوا بالقرآن، واستفادوا من التهديد، قبل وقوع وتحقّق التأويل، فهم مسلمون صالحون.
وأما الذين أصرّوا علي التكذيب والكفر والعناد، فعلي الرسول عليه الصلاة والسلام أن يفاصلهم، وأن يتبرأ منهم، وأن يتركهم ينتظرون تحقق التأويل، ووقع العذاب: وإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ: لِي عَمَلِي، ولَكُمْ عَمَلُكُمْ. أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ، وأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ.