كذّبوا بأخبار القرآن وحقائقه، كذّبوا بوعوده للمؤمنين، وتهديداته للكافرين، وأنكروا أن يكون المستقبل هو للإسلام والمسلمين، ولم يصدّقوا أنهم يمكن أن ينهزموا أمام المسلمين.
فتقول لهم الآية: إنكم تكذّبون الآن بهذه الآيات، وأنتم لم تحيطوا علما بها، تكذّبون بها لأنه لما يأتكم تأويلها، ولما تشاهدوا صورتها العملية والواقعية، لكنّ تأويلها آت عن قريب، وستعيشون هذا التأويل عمليا عند ما تبدأ المعارك الفعلية بينكم وبين محمد صلّى الله عليه وسلّم، وهذه المعارك ستنشب عن قريب! إنّ «لما» في قوله: ولَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ تدلّ علي التوقّع، وتستعمل في قرب وقوع ما بعدها.
وذلك كما في قوله تعالى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا. قُلْ: لَمْ تُؤْمِنُوا. ولكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا، ولَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ (١) إنّ «لما» هنا حرف «توقّع وإطماع». فالأعراب أسلموا، وجاءوا إلي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وامتنّوا عليه، وزعموا تحقق الايمان بعد الإسلام فيهم، ولكنّ الآية تصحح لهم ذلك، وتقول لهم أنتم أسلمتم، نعم، ولكنكم لم تؤمنوا حتى الآن، لأن الإيمان لم يدخل في قلوبكم إلي الآن.
لكن هذا الإيمان ليس بعيدا عنكم، وأنتم لستم بعيدين عنه، إنكم سائرون في طريقكم إليه، وسيدخل في قلوبكم عن قريب!