للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الجملة التي أمامنا ولَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ التوقّع واضح.

لم يقع تأويل الآيات التي كذّب بها الكفار حتى الآن، ولم تقع الصورة العملية للتهديدات النظرية لهم، التي حوتها آيات القرآن.

إنهم مهزومون، لكن متي؟ لما يأتهم تأويل ذلك أي: لم تقع هزيمتهم فعلا الآن، لكنها ستحقق عن قريب، فتأويل الآيات التي تقرر ذلك علي وشك الوقوع! وإنّ الرسول منصور، والاسلام ظاهر، لكن؟ لما يتم تأويل ذلك، لأنّ المعركة لم تنشب مع الكفار فعلا حتى الآن، ولكنها ستنشب عن قريب، وعندها سيتمّ تأويل الآيات التي تقرر ذلك.

وهذا ما حصل فيما، بعد، في حركة الدعوة الاسلامية، وحربها مع الكفار، فلم تمض إلا سنوات قليلة علي نزول هذه الآية من سورة يونس- والتي تقرر قرب وقوع وتأويل تهديدات القرآن- حتى تحققت تلك الوعود والتهديدات في عالم الواقع، وذلك في غزوة بدر، وما تلاها من الغزوات التي هزم الله فيها الكفار. وعندها أتي الكفار تأويل تلك الآيات، أي: تمّ تنفيذ وعود وتهديد الآيات القرآنية، وبذلك حوّلت من وعد نظري إلي صورة عملية واقعية، وبذلك تمّ ردّ وإرجاع معنى الآيات النظري إلي غايته الفعلية، ونهايته المادية.

عمر بن الخطاب يروي عن وقوع التأويل:

حملنا معنى التأويل في سورة يونس علي وقوع وعود القرآن للمؤمنين بالنصر، وتحقق تهديداته للكفار بالهزيمة. واعتبرنا غزوات الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهزيمته للكفار من اليهود والمشركين والأحزاب، تأويلا عمليا للنصوص القرآنية، وهذه الغزوات هي المرادة بقوله تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ، ولَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ.

<<  <   >  >>