لقد حصل ذلك، وتمّ تأويلها بعد بضع سنوات من نزولها، وكان ذلك في غزوة بدر الكبري، في السنة الثانية من الهجرة!! وقد روي لنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه تحقق التأويل لهذه الآيات في غزوة بدر.
قال عكرمة: «لما نزل قوله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ قال عمر: أي جمع سيهزم؟ وأي جمع سيغلب؟
فلما كان يوم بدر، رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يثبت في الدرع، وهو يقول: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ، فعرفت تأويلها يومئذ (١)!!
وتأمّل معنا قول عمر «فعرفت تأويلها يومئذ» لتعرف معنى التأويل.
إن نزول هذه الآية في مكة وعيد وتهديد نظري، وخبر عما سيحدث لهم في المستقبل علي أيدي المسلمين. هذا الوعيد النظريّ يحتاج إلي تأويل، أي: ردّ إلي غايته العملية المرادة منه، ورجوع به إلي صورته المادية، وبيان عاقبته وماله.
ولقد تحقق ذلك الردّ والرجوع والتأويل في معركة بدر، وتحقق عمليا علي أرضها ذلك الخبر القرآني، وعندها فقط عرف عمر رضي الله عنه تأويل الآية! هذا مثال من السيرة النبوية، وفهم الصحابة، يظهر فيه التأويل العملي لقوله تعالى: ولَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ.
وبهذا نعرف أنّ التأويل في سورة الأعراف تهديد ووعيد للكفار بتحقق العذاب بهم يوم القيامة- كما سبق أن بينا- وأما التأويل في سورة يونس، فهو وعيد وتهديد للكفار بتحقق الهزيمة بهم في الدنيا!!